إذا وضعنا قائمة بأكثر تلك الابتكارات إخلاصاً للسرعة والقوة ، فلربما وجدنا الشواحن التوربينية فى أوائل الصفوف
لما تمثله من إبداع هندسي وقدرة حقيقية على قلب كافة الموازين فى اى منافسة تشارك فيها
، فهى ليست مجرد إضافة قد تتوفر أو يخلو منها اى محرك ، بل هى ارتقاء بالقوة من مستوى إلى آخر .
كلاسيكية !تعد الشواحن التوربينية احد الإضافات الكلاسيكية للمحركات ، ليس فقط لكونها استخدمت بكثرة منذ سنوات ولا لكونها قطعة هندسية لا تحتوى على الكثير من التقنية ، بل لكون الشواحن التوربينية وعلى عكس المعروف يعود تاريخها إلى ما قبل السيارات بحوالى 10 سنوات ، وتحديداً عام 1885 حينما قرر جوتليب دايملر استخدام مضخة فى شحن المزيد من الهواء داخل محرك احتراق داخلي ، وهو ما تطور مع الوقت ووصل إلى ما نعرفه اليوم بالتربو تشارجر .
المزيد من الكثافةلكي تعرف ما فكرة عمل الشواحن التوربينية ، عليك أولا أن تتذكر كيف تستمد محركات الاحتراق الداخلى قوتها فى الأساس ، وهى عملية ليست بالمعقدة .
فالمحرك يسحب الهواء من الجو ، ومن ثم يتم خلط هذا الهواء بالوقود ، ويتم ضغط هذا الخليط فى مساحة ضيقة داخل اسطوانات المحرك ، ومن ثم يحدث عملية الإشعال ، والتى تؤدى إلى انفجار هذا الخليط وبالتالي تمدد الهواء بشكل كبير ، وحدوث موجة انضغاطية تدفع بكباسات المحرك ليوسع من المساحة المتاحة للانفجار ، مما يؤدى إلى نزول تلك الكباسات للأسفل وإدارتها لذراع متصلة بها ، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى دوران المحرك بشكل عام .
إذاً أنت تعلم الان أن كامل عمل المحرك يعتمد على هذا الخليط المضغوط من الهواء والوقود ، فماذا إذا استطعنا أن نخلق خليط أكثر كثافة فى هذه المساحة ؟ ، بالتأكيد سيكون الانفجار أقوى وأكثر تأثيراً ، بما يترتب عليه دفع هذه المكابس بقوة اكبر إلى الأسفل ، وعليه يولد المحرك قوة اكبر .
لكي توفر خليط أكثر كثافة من الوقود والهواء لديك الكثير من الحلول ، أولها أن تحقن المزيد من الوقود ، ولكن هذا سيؤدى إلى وجود وقود كثير دون أكسجين كاف لإحداث النتيجة المرجوة فيتم هدر الوقود دون نتيجة ، الحل الآخر هو توسيع تلك المساحة التى نضغط فيها الخليط ، وهو ما يعنى زيادة سعة المحرك ، إلا أن ذلك سيزيد الحجم دون زيادة الكثافة إضافة إلى زيادة وزن المحرك بشكل عام وزيادة استهلاك الوقود بنسبة كبيرة ، بالتالي عدم جدوى هذا التعديل .
إذا ماذا عن زيادة الهواء والوقود فى نفس المساحة المتاحة ؟ ، هذه هى الإجابة ولكن بها معضلة بسيطة .. كيف ستدفع المزيد من الهواء داخل المحرك ؟
المزيد من الهواءقبل أن تعرف كيف سندفع بالمزيد من الهواء داخل المحرك ، عليك أن تعلم أولا وحدة قياس ضغط الهواء فى مكان ما ، وهى وحدة مشهورة للغاية فى عالم السيارات ويعرف بها نسبة الضغط داخل اسطوانات المحرك ، تسمى بالـ PSI ، وهى ترمز لـ " رطل / بوصة مكعبة " ، ومن خلالها يمكنك أن تعرف نسبة الانضغاط داخل المحرك والتى كلما زادت دل ذلك على كون المحرك أفضل أداء .
فكرة الشواحن التوربينية تعتمد فى الأساس على إعادة التدوير ، فالشاحن التوربينى يركب على مخارج العادم التى يمر من خلالها فى طريقه إلى الهواء ، ومن ثم يتم تمرير هذا الهواء المندفع من المحرك من خلال فتحة ضيقة بها مروحة ذات أذرع تتصدى للهواء بما يؤدى إلى دورانها كى يمر من خلالها ، وعندما تدور تلك التوربينة فإنها تحرك مضخة هواء على الجانب الأخر من الشاحن ، والتى تسحب كم اكبر من الهواء الخارجي ومن ثم تعيد ضخة إلى المحرك مرة أخرى معززة كم الهواء الذى يتم دفعه داخل المحرك .
والآن بما أن لدينا كم كبير من الهواء الذى يتم شحنه داخل المحرك لزيادة الضغط ، لم يعد متبقياً إلا زيادة نسبة الوقود فى الخليط لتعادل الزيادة فى الهواء ، ومن ثم تتم عملية الضغط والاحتراق من جديد بمعدلات ضغط وكثافة اكبر من العادية ، بما يحقق انفجار اكبر ينتج عنه قوة اكبر من المحرك ، بطريقة فعالة وبأقل تكلفة من الحصول على محرك ضعف الحجم الأصلي يستهلك وقود بمعدل كبير ويمثل ثقل على السيارة .
بقى أمر أخير يجب أن تعرفه ، فى طريق الهواء المشحون إلى المحرك يمر بما يسمى بمبرد الهواء أو الـ intercooler ، وهو هذا المشتت الكبير الذى تراه فى مقدمة السيارات المعدلة واضحاً من الأمام أو أنواع أخرى اصغر حجماً فى السيارات التجارية ، حيث أن هذا الهواء الساخن المطرود من المحرك ذو كثافة قليلة ، ولزيادة كثافته والاستفادة القصوى منه ، يتم تمريره عبر هذا المبرد لتبريده ومن ثم تمريره إلى المحرك من جديد فيحقق أفضل معدل احتراق .
حقائق هامةبعد أن تعرفت بشكل بسيط على الشواحن التوربينية ، بقى أن نعرفك على بعض الحقائق الهامة عنها .
من المشكلات الرئيسية للشواحن التوربينية فعاليتها خلال نطاق معين فقط من لفات المحرك ، فإذا أردت الاستفادة منها عند عدد لفات قليل ، فعليك بالحصول على شاحن توربينى صغير يمكن لتدفق الهواء القليل على السرعات المنخفضة لدوران المحرك ان يشغله ، وبالتالي يدفع بالمزيد من الهواء إلى المحرك ، ولكنه سيواجه صعوبة على عدد اللفات الكبير بسبب عدم قدرة التوربينة على تحمل هذه السرعات لصغر حجمها وضعفها نسبياً ، مما يجعل هذا النوع من الشواحن تسرب الضغط الزائد عبر صمام لتفريغ الضغط للحفاظ على سرعة آمنة لدوران التوربينة ، وبالتالي لا يصبح فعال على السرعات العالية .
على الجانب الآخر فالشواحن الكبيرة هى الاختيار المثالى للسرعات المرتفعة لدوران المحرك ، حيث تتحمل هذا القدر من تدفق العادم وسرعات الدوران الكبيرة ، إلا أنها غير فعالة على السرعات القليلة والتى لا يكفى العادم المتدفق خلالها لتحريك التوربينة كبيرة الحجم الثقيلة .
وتعالج تلك المشكلة إما بالحصول على شاحني هواء ( توين تربو ) كل منهم يتولى نطاق محدد من سرعات المحرك للحصول على توازن ، أو بتزويد الشواحن التوربينية بصمام تفريغ الضغط المعروف بـ ( wastegate ) والذى يستشعر تدفق الهواء داخل التربو ومن ثم إذا زادت سرعة دوران التوربينة عن الحد الآمن يبدأ فى تفريغ الضغط ، ولكن الحل الأخير لازال لا يجعل الشواحن الغير مخصصة للسرعات الكبيرة تؤدى بشكل مثالي خلالها .
الجدير بالذكر ان نظرياً يمكن استخدام الشواحن التوربينية على أى محرك احتراق داخلى يعمل بالبنزين او الديزل ، الا ان ادخال تلك الشواحن على المحركات يحتاج الى تعديلات واعدادات جديدة تتناسب مع معدلات الضغط وآلية عمل هذه الشواحن ، ولكن مع التعديلات لا يوجد محرك لا يمكنه التوافق مع شاحن توربيني .